Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
Skip to main content

أعيدوا دراسة تجربة «السنة التحضيرية»..!

الأحد 15 جمادى الأولى 1435هـ العدد 16701 الموافق 16 مارس 2014م
لم تتمكن من ردم الفجوة بين التعليم العالي والعام
أعيدوا دراسة تجربة «السنة التحضيرية»..! 

 

الرياض، تحقيق - عذراء الحسيني

    تباينت ردود أفعال أكاديميين وطلاب حول نظام السنة التحضيرية في الجامعات كمرحلة تمهيدية للاندماج والانتقال إلى المرحلة الجامعية، حيث يدرس الطالب لمدة فصلين دراسيين أو فصل دراسي واحد المواد التعليمية لمختلف مسارات الدراسة، العلمية والصحية والإنسانية، مع التركيز على اللغة الانجليزية.

ويرى البعض أنّ السنة التحضيرية تصنّف مشروعاً تجارياً بحتاً، إذ يتم تطبيقها في بيئة مختلفة عن البيئة الجامعية، وضمن مبانٍ خارج الجامعة، ويعتمد التدريس فيها على شركات تشغيل خاصة، وتستعين بكفاءات عادية للعمل في السنة التحضيرية؛ مما يقلل من كفاءة المخرجات ولا يحقق الهدف الذي وضعت من أجله، وهو ما يتطلب تدخلاً عاجلاً من وزارة التعليم العالي لتقويم التجربة بشكل دقيق؛ في حين يرى آخرون أهمية السنة التحضيرية ونجاحها الكبير في توجيه مسار الطلاب بحسب تخصصاتهم، وقدراتهم، وضمان اندماج أفضل مع البيئة الجامعية الجديدة.

وخضعت السنة التحضيرية -كأي تجربة جديدة- للدراسة والتقييم من قبل باحثين في سلبياتها وايجابياتها، حيث كشفت دراسة أجرتها جامعة الملك سعود حول السنة التحضيرية بالجامعة، ونشرت حديثاً عن إيجابية السنة التحضيرية لنظام التعليم الجامعي، مع التوصية بتطوير أعمالها الإرشادية، والإدارية، والأكاديمية.

وقدّرت الدراسة ما لا يقل عن (10%) كنسبة انسحاب الطلاب من السنة التحضيرية، إلى جانب التدني في مستوى التحصيل لطلبة المسار الصحي في المقررات العلمية، موضحةً أنّ أعلى متوسطات التحصيل للمقررات كانت في مقرري مهارات اللغة الانجليزية، ومهارات الاتصال، أما ما يتعلق بتقويم المدخلات للأكاديميين والإداريين في السنة التحضيرية؛ كشفت النتائج وجود بعض القصور في الالتزام بالمعايير والمواصفات التي اشترطتها الجامعة في اختيار هيئة التدريس.

سنة ضائعة!

ورأت "حسناء المعيلي" -طالبة بجامعة الملك سعود- أنّ بعض ايجابيات السنة التحضيرية تمثّلت في تحسين مستوى المدخلات للكليات المشاركة في السنة التحضيرية، وتطبيق اختبارات معيارية قياسية في تقويم تحصيل الطلاب أثناء دراستهم في السنة التحضيرية، بالإضافة إلى اللغة الانجليزية المكثفة على الرغم من ساعاتها الطويلة المملة.

وأوضحت "سارة الموسى" -طالبة بجامعة الملك سعود- أنّه لا بد من إعادة صياغة أنظمة السنة التحضيرية، فمن الصعب على الطالب بعد (12) عاماً أن يفاجأ بالاعتماد على ذاته والاستقلالية، معتبرةً التحضيرية سنة ضائعة من حياة الطالب، وهي إذ تمنح الطالب فرصة أخيرة ليختار تخصصه حسب قدراته، لكنها قد تحرمه في نهاية السنة من حلم حياته في حالة عدم حصوله على المعدل المناسب.

وبيّنت "تغريد القحطاني" -طالبة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أن المآخذ على نظام السنة التحضيرية تتمثّل في أنّ النظام غير موحد، من حيث المستوى في كل الجامعات، إلى جانب غياب الوضوح في اتباع خطة معينة؛ مما يسبب الكثير من الإرباك لدى الطلاب، مع ذلك لا يعني هذا عدم جدواها، فلها من الإيجابيات التي لا تقتصر على تطوير مهارات الطالب أثناء الدراسة فقط، بل تتعدى ذلك إلى الحياة الوظيفية.

تجربة رائعة

ورأى "سعود المرشدي" -طالب بجامعة الملك سعود- أنّ تجربة السنة التحضيرية كانت رائعة، كاشفاً أنّ كل شعبة تضم (20) طالباً فقط؛ مما سهل التحصيل الجيد والتعاطي مع المواد العلمية بشكل أفضل، إلى جانب تدرج مستويات مواد المنهج بين الصعوبة واليسر، بالإضافة إلى التعامل الجيد جداً من قبل الأكاديميين والإداريين.

وكشفت "هند المحمد" -طالبة بجامعة الملك سعود- أنّها تتطور باستمرار في إجادتها للغة الإنجليزية مع إعجابها الشديد بمقرر مهارات الاتصال، مبيّنةً أنّها استطاعت كسر حاجز الخوف من الجامعة في فترة قياسية لم تكن تتوقعها.

وأيدها محمد الدوسري -طالب بجامعة الملك سعود-؛ موضحاً أنّ السنة التحضيرية كانت فترة رائعة بالنسبة له، حيث استطاع تكون معارف جديدة، وعقد صداقات مع زملائه الطلاب، مشدداً على ضرورة تطوير مادة مهارات الاتصال من حيث المحتوى والطرح.

واعتبرت "مها العريان" أنّه بالإضافة إلى الإيجابيات المذكورة فإن ثمة سلبيات في نظام السنة التحضيرية، تتمثل في الدوام الطويل، والدراسة المكثفة للمواد العلمية في الأقسام الأدبية من دون الحاجة إلى ذلك، إلى جانب صعوبة التعلّم باللغة الانجليزية المكثفة غير المهيئين لها في مراحل التعليم العام، بالإضافة إلى عدم معرفة المصير المسبق بالمسار التخصصي.

درجات مرتفعة

وقال "د. نزار بن حسين الصالح" -الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب بجامعة الملك سعود- "تعدّ السنة التحضيرية مرحلة دراسية يتم من خلالها تمهير الطلاب ببعض المهارات المحددة مثل: تعلم اللغة الإنجليزية، وتعلم كيفية استخدام برامج الحاسب الآلي، ومهارات بناء الشخصية، إضافةً لبعض المواد الدراسية الرئيسة ليكون لدى الطالب فرصة للتعلم على النظام الجامعي قبل الدخول الفعلي للدراسة الجامعية، فالسنة التحضيرية فكرة ممتازة لتجهيز الطلاب بالقدرة على البحث والقراءة وحل المشكلات، لو تم التعامل معها من خلال طاقم تعليمي ذي خبرة ودراية.

وأضاف أنّه من خلال السنة التحضيرية والقدرة على إثبات الوجود عبر العمل الجاد والدؤوب يستطيع الطالب تحقيق طموحه بالحصول على الدرجات المرتفعة، وبالتالي يصبح قادراً على الدخول في التخصص المرغوب لديه، لافتاً إلى أنّ بعض الطلاب في الثانوية العامة يحصلون على درجات ربما تكون مرتفعة، لكن أداءهم في السنة التحضيرية يكون غير مرض نتيجة لطبيعة الدراسة واعتمادها على اللغة الإنجليزية، ذلك أنّ بعض المهارات تحتاج الى جهد فردي وجماعي للحصول على درجات مرتفعة، وهذا مخالف لطبيعة أداء الاختبارات التحصيلية الاعتيادية.

ربح مادي

وشدد "د. الصالح" على أنّ الحكم على مخرجات السنة التحضيرية يستوجب دراسات تشخص الواقع وتبين انعكاس السنة التحضيرية على الطلاب، ومدى تحسن مستواهم، وربما كان هناك تسرب نتيجة للضغوط، أو لعدم التعامل مع الطلاب بأسلوب علمي مدروس، معتبراً أنّه لا يوجد هناك فرق في المستوى العلمي والدافعية والقدرة على المشاركة بين طلاب اليوم وطلاب السنوات الماضية، مؤكّداً على حقيقة إهمال التعليم العام بناء مهارات التعلم المعتمدة على النقد، والابتكار، وإبداء الرأي، والقدرة على التحليل والاستنتاج، منوهاّ بأنّ التعليم الجامعي يعتبر امتداداً للتعليم العام مع بعض الاختلافات البسيطة، والتي ترجع لرغبة عضو هيئة التدريس في الجامعة الذي يستطيع أن يستخدم الكثير من مهارات التدريس لترسيخ مهارات التعلم.

وأشار إلى أنّ برامج السنة التحضيرية تعتمد على شركات تشغيل هدفها الربح المادي، وهم يستعينون بكفاءات عادية للعمل مما يقلل من كفاءة المخرجات، والمفترض ان يتولى التدريس في السنة التحضيرية أعضاء هيئة تدريس لهم خبرة ودراية في النظام الجامعي، ولديهم القدرة على تقديم أفضل الأساليب التعليمية لكي نرفع من مستوى مخرجات السنة التحضيرية ونحقق الهدف الذي وضعت من أجله.

دراسة ومساءلة

ولفتت "د. فدوى بنت سلامة أبو مريفة" -عضو مجلس الشورى- إلى أنّ السنة التحضيرية لم تتمكن من ردم الفجوة بين التعليم العالي والتعليم العام، بل على العكس ساعدت على خلق فجوة أخرى بينهما، مضيفةً: "لا أنكر أنّ بعض الجامعات نجحت في تطبيق السنة التحضيرية، وفي مقدمتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وهناك جامعات لم تضع لها أهدافاً من تطبيق السنة التحضيرية فكان عملها عشوائيا"ً، مؤكّدةً على أنّ الكثير من الطلاب لا يحظون بالتخصص والكلية التي يرغبون بها؛ مما يحرم الوطن من أصحاب الرغبات والمبدعين.

وأضافت: "كنت شاهدة من موقع الحدث، فكلما اجتاز الطلاب مرحلة وجدوا مصاعب متعددة في المرحلة التالية، فمن اختبارات الثانوية العامة إلى اختبارات القياس، وبعدها منخل السنة التحضيرية، لافتةً إلى أهمية هذه التجربة، مستدركةً: "لكني أدعو وزارة التعليم العالي لتقويمها عاجلاً، وعمل دراسة ترصد سلبياتها وايجابياتها؛ بحثاً عن حلول وبدائل مناسبة، وكذلك البحث عن أسباب نجاح تطبيقها في بعض الجامعات وفشلها في بعضها الآخر، ومساءلة الجامعات التي أخفقت في ذلك، لا سيما وأنّه مضى على تطبيقها في معظم الجامعات ما يقارب سبع سنوات".

Last updated on : January 12, 2023 2:08am