الترفيع «لعبة الموت» تهدد حياة الشباب والمراهقين.. واتحاد السيارات يرحب بضمهم
الخميس 19/6/1433هـ الموافق 10/5/2012م
يمارس شبابنا عديداً من الرياضات والألعاب والهوايات الغريبة والخطيرة في الأماكن العامة، ويأتي في مقدمة هذه الألعاب الخطرة «الترفيع» أو لعبة الموت ما يحلو أن يسميها ممارسيها، حيث يتجمعون بأعداد كبيرة من كل حدب وصوب مستخدمين سيارات ذات دفع رباعي جاعلين من السيارة آلة سهلة ومتناسين خطرها الذي يقود في الأرجح إلى الموت، الأمر الذي شكل هاجسا لأولياء الأمور وأفراد المجتمع والجهات الأمنية ذات العلاقة. ولكن هذه الحركات ورغم خطورتها فهي حركات مليئة بالموهبة، والمهارات العالية والقدرات الخارقة التي يتمتع بها العديد من شبابنا، و»الترفيع «هو أن يقوم سائق المركبة برفع جزئها الأيمن أو الأيسر ويتحكم بها لفترة طويلة ربما تتجاوز عدداً من الكيلومترات وسط تصفيق وتشجيع الحاضرين وربما يتجاوز ذلك لعمل تصرفات خطيرة تتمثل في خروج الركاب من السيارات وربما يتطور ذلك الأمر إلى تصرفات أكثر خطورة.
وكانت قناة أمريكية متخصصة في السيارات «أوتو يو إس» قد منحت أربعة شبان سعوديين لقب أفضل وأخطر قائدي السيارات؛ لقيامهم بتغيير إطارات سيارتهم وهي تسير على إطارين في إحدى الطرق السريعة، وعرضت القناة مقطعاً مدته ثلاث دقائق و48 ثانية عبر أحد برامجها عن القيادة الخطرة، مشيرة إلى أن عملية تغيير إطارات السيارة وهي تسير على إطارين مذهلة وخطرة جداً في الوقت نفسه، نصحت القناة جميع قائدي السيارات بعدم تجربة هذه الطريقة التي قد تؤدي إلى الوفاة.
«الشرق» حضرت هذا اللهو الخطير وناقشت بعض الحاضرين حول هذه القضية التي بدأت في الانتشار وأصبحت مثار إعجاب الشباب والمراهقين وحتى صغار السن.
نشوة الإبهار
يقول المواطن مشعل عبدالله لـ «الشرق» «إن هؤلاء الشباب يقومون بحركات لا يعلمون خطورتها حاليا ربما نشوة الإبهار وتصفيق الحضور وفلاشات المصورين عبر الجوالات وغيرها تجعل من هؤلاء السائقين يشكلون خطرا كبيرا على أنفسهم وعلى مرافقيهم وعلى المارة فنحن نرى مشاهد غاية في الخطورة فكيف بسيارة مليئة بالوقود والحديد ترتفع على إطارين فقط وهذه لا تعتبر رياضة ولا موهبة هي قدرات لكنها لا تنصب في مصلحة أحد وينطوي تحتها خطر عظيم وتقليد يؤدي إلى الهلاك، فهي هوايات تعتبر جنوناً وخطراً جسيماً».
حادث مروع
وحكى الشاب مبارك العدواني قصة مروعة حدثت أمام عينيه حيث قال «أثناء تجمعنا على طريق عسيلان شرق مدينة بريدة، كنا نقوم برفع سياراتنا أمام المارة والمتنزهين وكان الحضور كبيرا وكان من بيننا شاب يقود سيارته وزميله خارج من النافذة وعمره تقريبا 21 سنة، وفجأة سقط الشاب من السيارة ودهسته سيارة قادمة من الخلف وأصيب في رأسه وتم نقله إلى مستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة وكان وضعه صعبا جدا، ومنذ ذلك اليوم تعاهدت أنا وبعض الزملاء على عدم القيام بهذه الحركات لأنها كلفتنا فقد أحد الأصدقاء، لم نتوقع يوما ولم نفكر فيما سيحدث، كان التفكير منصبا على أنها هواية وإبداع ولم نفكر أنها ستؤدي إلى فقد أحد الشباب».
لن أتركها
وأوضح محمد الصالح أنه تعلم هواية الترفيع منذ شرائه لسيارته منذ فترة ليست بالقصيرة، وقال «أقوم برفعها على كفرين إما يمينا أو شمالا وأتابع كثيرا صيحات الحاضرين وتصفيقهم وهذا ما يجعلني أستمر، ولي معجبون كثر أتعلم حركات كثيرة لإرضائهم، مثل الخروج من السيارة حال الرفع بل إني أستطيع أن أرفع السيارة وزميلي يخرج لفك الإطار أو الخروج من نافذة والدخول من نافذة أخرى، تعودت كثيرا على سيارتي وهي تساندني فيما أريد فعله من مهارات، وأتميز برفع السيارة والسير بها لمسافات طويلة ولدي استعداد لعمل هذه الحركات في أي مكان أدعى له لأني أعشق هذه الهواية».
وأشار الصالح إلى أنه يعرف أن هذا الفعل خطر على نفسه وسيارته وعلى من يركب بجانبه لكنه أكد بأنها هوايته التي يعشقها ولن يتركها.
هواة السيارات
وقال سعود الفارس «نجتمع في منتدى مخصص لهواة السيارات من جميع مدن المملكة ولدينا أعضاء من دول الخليج العربي ونعلن عن مكان وزمان الرفع بالهواتف وخدمات التواصل عبر الأجهزة للرفع، ويأتي الشباب للترفيع من جميع المدن القريبة والبعيدة وأحيانا تكون على شكل مسابقة لها لجنة لتحديد أجمل الرفعات وأخطرها». فيما قال نايف الدوسري «تعلمت الهواية من أحد الأصدقاء وتعرضت لحادث أثناء قيامي بالرفع وكان معي أحد الأصدقاء ولن أعود لهذه الهواية لأنها خطرة وتسبب مشكلات كثيرة، فقد خسرت سيارتي وتسببت لنفسي بحرج كبير وأقوم دائما بنصح زملائي أن لا يكرروا نفس الخطأ الذي وقعت فيه».
هروب من الدوريات
وأكد فرحان حميد العنزي (أحد المهتمين بالعمل الإرشادي والتوجيه) خطورة هذه التصرفات على ممارسيها وعلى المارة والمسافرين، وقال «كثيرا ما نرى بعض الشباب يمارسون هذه الهواية على طرق السفر هربا من الدوريات الأمنية داخل المدن، وهذا يجعلهم عرضة للخطر ولغيرهم»، وبيّن أن السبب في انتشار مثل هذه التصرفات هو ما يملكه هؤلاء الشباب من قدرات متميزة في هوايات مختلفة لم يتم التخطيط لها ولم يتم خلق بيئة خصبة لترويضها في مكان آمن، مع أهمية توعية هؤلاء الممارسين بخطر هذه الهوايات وتوجيههم إلى هوايات أخرى خالية من الأخطار.
حملات توعوية
وأبان أحد رجال المرور -رفض ذكر اسمه- أن المرور يحارب جميع وسائل التهور مثل السرعة والتفحيط وقطع الإشارات وغيرها من السلبيات التي يرتكبها قائدو المركبة من المراهقين والمتهورين، وفي مثل هذه الظواهر الجديدة يتم تطبيق قرارات وزارة الداخلية في محاسبة الذين يتسببون بأخطار على المارة وأصحاب المركبة ولكن لا نستطيع السيطرة عليهم فأغلب من يمارسون هذه الحركات الخطرة يخرجون إلى خارج المدن ليكونوا بعيدين عن أعين رجل المرور، ويقوم المرور بحملات توعوية في المدارس الثانوية وتوعية الطلاب بخطر ممارسة مثل هذه الحركات الخطيرة.
تفريغ الطاقة
د.نزار الصالح
وقال أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب الدكتور نزار بن حسين الصالح «إن الشباب بطبيعة الحال يتميزون بالنشاط والحيوية وحب المغامرة؛ لذا فإن التعامل معهم يحتاج لمعرفة ودراية وخبرة، ولابد من توجيههم لحسن استغلال أوقاتهم فالشباب لديهم الطاقات ومصادر تفريغها معدومة، فماذا يفعلون غير ابتكار أشياء ربما تعجبنا وربما لا تعجبنا؟ إن رغبة بعض الشباب لممارسة القيادة بطرق غلب عليها روح المغامرة والمخاطرة يتناسب كثيرا مع طبيعتهم الباحثة عن تفريغ الطاقة التي ذكرنا بسلوكيات فيها روح المغامرة، وهنا يكمن دور المجتمع في كيفية توجيههم لممارسة سلوكيات معقولة، نحن بحاجة إلى مؤسسات تربوية رياضية ثقافية تتبنى الشباب وتوفر لهم مكانا آمنا لممارسة هواياتهم فشبابنا بحاجة للاندماج في المجتمع فهم يفكرون ليلا ويطبقون نهارا ولديهم القوة والحيوية لذا لابد من تضافر الجهود لتقديم خدمات للشباب للبعد عن هذه الممارسات الخطرة.
تنظيم الموهبة
سلطان بن بندر الفيصل
وقال رئيس الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية الأمير سلطان بن بندر الفيصل آل سعود «إن الاتحاد يرحب بهؤلاء الموهوبين ويفتح لهم جميع الأبواب لتنظيم هذه الموهبة وتحويلها من الخطورة إلى المحافظة على أنفسهم، ونستقبلهم في قسم المهارات الاستعراضية ومن يحضر للاتحاد سيعمل له فريق رسمي حسب مواصفات السلامة التي يتم تأمينها على السيارات للمحافظة على سلامتهم، فالاتحاد حريص أولا على أن يكون جميع منتسبيه في مأمن، وبعد ذلك سنقوم بتنظيم دخولهم للاحتفاليات التي ستشكل لهم مصدر رزق يجنون من ورائها فائدة لكن بشرط تأمين سياراتهم وتجهيزها حسب شروط الاتحاد السعودي، وسنكون عونا لرعايتهم.