شبابنا يفتقد «القدوة العمرية»
12-4-1432هـ العدد 1891
حاوره: علي بلال
قبل أربعة أعوام، ولد مركز وطني معني بالشباب، ومعمق الصلة بهم.
جاء المركز بمرسوم ملكي، بناء على ما رفعته وزارة التعليم العالي بضرورة توفير كيان وطني متخصص في أبحاث قضايا الشباب.
ولأن الشباب يمثلون نحو ثلث المجتمع، جاءت الموافقة سريعا، فتكون الكيان، وبدأ في مقره في جامعة الملك سعود، ولم يعرف أحد عنه شيئا.
«شمس» طرحت جملة من التساؤلات على الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب الدكتور نزار بن حسين الصالح، الذي يعمل أستاذا مساعدا في كلية التربية قسم علم النفس بجامعة الملك سعود بالرياض، وفي مقدمة ذلك السؤال الأهم، أين أنتم؟
ما الاستراتيجيات التي يعمل عليها المركز الوطني لأبحاث الشباب حاليا؟
المركز يعمل بوتيرة واضحة للعاملين فيه، لدينا خطة استراتيجية عملت خلال الفترة الماضية وتم عرضها على المستشارين ليحكموها، كما عرضت على وكالة الجودة بجامعة الملك سعود وأقرتها، وأثنت على أنها من أفضل الخطط الاستراتيجية التي كتبت وتم الاطلاع عليها حتى الآن، هدفنا في المركز أن تقدم الخدمة للشباب بطريقة غير مباشرة لأننا مركز متخصص وبحثي، وعندما زرنا دول العالم المختلفة التي لديها مراكز مشابهة وجدناهم يتخصصون في قضية تهم المجتمع، ويركزون عليها الاهتمام، مثال هناك مركز متخصص في النمسا مهتم بقضية «الميديا والإعلام»، وكيفية تأثيره على الشباب، ويسمى المركز الوطني لأبحاث الشباب متخصص فقط في الميديا، ولما زرنا مركز أبحاث الشباب في جنوب إفريقيا وجدناه متخصصا فقط في قضية «الأيدز»، وما تأثيره على الشباب في المجتمع الإفريقي، ونحن في المملكة من واقع اهتمام ولاة الأمر وجدنا أن الأمر أكبر من أن نهتم بقضية واحدة، إذا نظرنا إلى قضية المخدرات وهي قضية شائكة ومهمة، كذلك العطالة وجودة التعليم ومخرجاته والطلاق وكثرته عند الشباب، والعنوسة، وتأخر الزواج، كلها قضايا شائكة ومهمة، لوجدنا أن استراتيجية المركز وأبحاث الشباب محاولة عمل البحوث والدراسات للقضايا الأكثر أهمية، ويأخذ تطبيقات هذه الدراسات والأبحاث، ويحاول ترجمتها إلى برامج تقدم للشباب مباشرة أو تقدم من العاملين للشباب مباشرة، بمعنى أنه في إمكان المركز عمل دورات متخصصة للعاملين في القطاعات التي لها علاقة بالشباب مثلا الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والجهات المعنية بوزارة الداخلية، والجامعات، وبالتالي يمكن تقديم منتج مباشرة للعاملين مع الشباب حتى نجود أداءهم وتكون مخرجاتهم مع الشباب أفضل.
مساعدة في الاختيار
ما دام المركز مختصا بالشباب، ما مدى مساعدته عمليا لهذه الفئة لكي يتخطوا العقبات التي تواجههم؟
نظرة المركز واستراتيجيته نحو الشباب، أنه يترجم نتائج البحوث والدراسات إلى برامج عملية واقعية للشباب، ويتعاون مع الجهات المعنية بالشباب، ويحاول خلق الفرص المناسبة للشباب من برامج أو دورات أو ندوات أو مشاركات داخلية وخارجية، حتى يعمل على إضافة الجودة للشباب، ويزيد من مهاراتهم الحياتية، لأن الشباب لا يحتاج أن يقدم لهم المنتج النهائي دون تأهيل، وتزويد الشباب بالمهارات، وأعتقد أن الشباب سيفشل إذا ما لم يكن مؤهلا لشغل هذه الوظيفة أو المنصب الجديد الذي يعرض له في المجتمع، فالمركز ينظر كخطة استراتيجية، أنه نعمل مع جهات مختلفة نتعاون معها بشكل عام، ونحاول تقديم المنتج الذي يصلح للشباب السعودي بعد الدراسة والتمحيص، وأن يكون المنتج قد أعطي حقه من البحث، الآن لدينا الكثير من المشاركات، آخرها مطلع الأسبوع الجاري، حيث كنا في افتتاح كرسي الأمير سلطان للجمعيات الخيرية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولم نتكلم عن جمعيات خيرية، بل قمنا كمركز بمبادرة عبارة عن دورة متخصصة للعاملين في المجال الخيري من الشباب، ويتحمل المركز الوطني لأبحاث الشباب التكلفة من الاستعانة بخبير من الخارج، وإقامة الدورة، ومن تجهيز الحقيبة، ونرغب في المشاركة مع الجهات التي لها علاقة بالشباب، ونحاول قدر الإمكان إبراز دور الشباب وتقديم ما نعتقد أنه مناسب لهم، لأن قضية الدورات وزيادة المهارات للشباب مهمة، لأنهم كلما كانوا أكثر قدرة ومهارة، استطاعوا شق طريقهم دون وصاية، لأننا لا يمكن أن نكون وصايا على الشباب، فهم لديهم القدرة والإبداع، فقط يحتاجون قليلا من التأهيل والتبصير بالواقع، حتى ينطلقوا، وربما يأتي مثلا شاب ليس لديه القدرة على اختيار التخصص الدراسي، إذا قدمت له مهارة الاختيار سيختار ويتفوق، ولكن البداية قد تمثل المشكلة لدى الشاب، فنحتاج إلى أن نأخذ بيده في النقطة التي لديه فيها ضعف، ومتى ما اجتاز الشاب هذه النقطة وأصبحت لديه مهارة نتركه، لأنه أكيد سيفتح مجاله وسيصل إلى النجاح.
التنقيب عن التميز
وهل لديكم في المركز دور في اختيار الشباب المتميزين؟
لدينا مشروع تأهيل الشباب بمهارات الحياة، واختيار المتميزين من هؤلاء الشباب لإعدادهم، ليصبحوا مدربين في هذا البرنامج الذي يعد من البرامج الواعدة، التي يحرص عليها المركز لتأهيل شباب قادرين على تدريب شباب، ويستمروا في العطاء حتى مع توقف المركز عن أداء هذه الدورات، والمهام، لأن الشباب أنفسهم هم الذين سيتولون هذه القضية بأنفسهم، فلو انتشروا في الجامعات وعمادات شؤون الطلاب، وتم دعمهم فسيدربون شبابا بدعم من الجامعات، أصبح في المركز دور في تأهيلهم، ووضعهم في المكان المناسب، وبالتالي هم سيتعاونون في تدريب شباب في عمرهم، ويحصلون على المردود المادي، إما من الجامعات أنفسها، أو من الرسوم البسيطة التي يأخذونها من هذه الدورات، والمركز بالطبع يتأكد من النوعية والجودة من المنتج، وأعتقد أن المركز دوره كبير في المجتمع وحريص على ألا يكون وصيا على الشباب، وإنما مساندا لهم في أداء دورهم، لأن نسبة الشباب في المملكة، للأعمار ما بين 15 – 29 عاما، تصل إلى 30 %، لذا نتحدث عن 5500 مليون شاب وشابة، فهؤلاء لو تفوقوا وتميزوا ستكون المملكة قوية ومتماسكة، ولو قدر الله ضاعت الهوية وقل الانتماء سأتعامل مع جيل ضعيف، ونحن نحاول التعاون مع الشباب، لكي يصبحوا أداة فاعلة في المجتمع، ويعتمد عليهم المجتمع، والآن هم في فترة الشباب لكن بعد فترة معينة بعد 30 أو 40 عاما، ستتغير المجتمعات وتصبح هذه الفئة نسبتها أقل، من 30 %، ويتحول المجتمع بعد 150 أو 200 عام إلى مجتمع ليس بنفس الدرجة مثل الشباب، فلا بد أن تستفيد المملكة منهم في الوقت الحالي.
العطالة تتصدر
من خلال أبحاثكم ودراساتكم واستراتيجياتكم ما أهم المشكلات التي يعاني منها الشباب السعودي؟
في الوقت الحالي العطالة، من أكثر الأرقام تداولا كمشكلات تواجه الشباب، وهي محصلة لعدة أمور لا نريد أن نأخذها بأنها كعطالة، ولا بد من حلها، لكن ليس من الممكن أن تكون عطالة إلا إذا كان لدينا ضعف في المخرجات التعليمية والمهارية والتقنية، كيف ينافس الشاب السعودي عمالة وافدة قوامها يتراوح ما بين سبعة إلى ثمانية ملايين عامل، لديهم مهارات، فبالتالي لا يمكن لدى شبابنا القدرة على المنافسة، صحيح أن الأرقام تقول إن عدد العاطلين نصف مليون عاطل عن العمل، لكن هؤلاء لا يستطيعون منافسة ثمانية ملايين وافد، لكن مع خطوة سهلة في المجتمع في الإمكان أن يذوب هذا العدد، ولا تصبح لدينا أي عطالة في المجتمع، فضعف المخرجات التعليمية والفنية والشخصية لشبابنا تجد أنه لا يستطيع العيش في بيئة العمل، ولا يستطيع التعامل مع الآخرين وفق فريق العمل، ولا يستطيع أن يبرز شخصيته ومواقفه، فبالتالي مشكلة العطالة مشكلة مركبة ومعقدة، نحتاج إلى إصلاح التعليم التقني والفني، وزيادة جرعات الشخصية وبناء المهارات الشخصية لشبابنا في مراحل التعليم المختلفة، نحتاج إلى فتح مجالات للعمل للشباب، ووضع القدوات من الشباب للشباب أنفسهم، وهذا يجرنا إلى مشروع «وطني نجاحي»، الذي يتداول حاليا في المركز، وهذا المشروع يحكي قصص نجاح شباب في المجال العملي، ونشرها للشباب أنفسهم حتى يتعلموا من الآخرين أن النجاح يأتي بنجاح، ويمكن أن يأتي بالجد والمثابرة والعمل الدؤوب.
لماذا لا يزال المركز، مختصا في الأبحاث دون أنشطة، وهل تنوون إطلاق حزمة في المستقبل؟
المركز هو مركز أبحاث لكن هو يترجم الأنشطة لما بحثنا ورأينا الشاب السعودي يحتاج إلى بناء الشخصية أكثر عملنا مشاريع بناء الشخصية التي منها تدريب الشاب على مهارات في المجتمع والحياة وأيضا تدريب الشباب على أن يكونوا مدربين لشباب آخرين، أيضا مشروع وطني نجاحي من المشاريع الناجحة، ومن خلال أبحاثنا ودراساتنا نرى أن الشباب يحتاجون إلى قدوات ومبادرات، فالمركز يقدم لهم هذه النماذج، كمشروع تعاملنا مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهناك مشاريع أخرى مع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في تدريب مدربي الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في التقليل من قضية التعاطي والإدمان، وهناك مشروع مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لتفعيل دور الشباب في المكتبة ونشر أنشطتها للمجتمع، وهناك مجال للتعاون مع وزارة التربية والتعليم في عمل برنامج لتأهيل الطلاب في المرحلة الثانوية على اختياراتهم العلمية المستقبلية سواء في المراحل الثانوية أو الجامعية، بالإضافة إلى الكثير من البرامج التي ترجمت من خلال واقع دراساتنا وأبحاثنا في المركز سواء التي سيتم نشرها أو الدراسات والأبحاث التي نطلع عليها باستمرار.
لا للفوضى
الشباب أغلق الأبواب أمام المتظاهرين يوم الجمعة الماضي، ممن يريدون تخريب أمن واستقرار الشعب، ما دور المركز في توجيههم؟
الشباب أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، والتف مع قيادته، وبفضل من الله جنبنا ويلات هذه الأمور، التي تزعزع الأمن وتخلط حسابات المجتمع، وتنشر الخراب، ويكون من الصعب السيطرة عليها، فهذا عكس ارتباط الشباب بالقيادة، وأيضا حب الشباب للقيادة الحكيمة ممثلة في الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني، وأعتقد أن هذا يعطي مؤشرا قويا على أن الشباب في المملكة قلب وقالب مع قيادتهم، وهذا يعطي توجه أن المملكة تحاول بكل طاقاتها أن تلبي رغبات الشباب لأن شباب المملكة هم أبناء المملكة ونحن أسرة واحدة والمركز الوطني لأبحاث الشباب يعمل على توجيه طاقات الشباب لخدمة المجتمع والدخول في الكثير من الشراكات مع الجهات المعنية بالشباب وتقديم الدعم سواء من الدراسات والأبحاث أو من الدورات المتخصصة أو من حلقات النقاش التي تبين الوضع الحقيقي للمملكة وكيفية التغلب على الصعوبات، ونحن نعيش في مجتمع ليس مجتمعا ملائكيا هناك بعض المشكلات تحتاج إلى حلول، ومشكلة إعداد الشباب لقيادة المجتمع هذه مهمة كبيرة، والأسرة من الأمور التي لا بد أن نهتم بها لأن الشباب أيضا مقبلون على بناء أسر ويحتاجون إلى مساكن واستقرار وظيفي ورعاية صحية مناسبة ومصانع ومؤسسات وتوفير طاقاتهم في أوقات الفراغ إلى منشآت رياضية وبرامج توعية للابتكار والإبداع، والشباب طاقة والمملكة قادرة على احتواء هذه الطاقة وتوجيهها التوجه الصحيح، وأنا أعتقد أن المملكة مقبلة على أعوام من الخير بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومقبلة على وقت يحتاج فيه لتكاتف المجتمع بعضه مع بعض وتقديم النصح والمشورة حتى نتلافى الأخطاء والسلبيات، ونؤكد الإيجابيات لأننا بحاجة أكثر إلى البناء أكثر من الهدم الذي لا ينفع، بل يؤثر على تركيبة الدولة، نحتاج إلى حل المشكلات المجتمعية التي تحدث في مثل المجتمعات الأخرى لكن مع وجود العقول والثروة والطاقات الشبابية، أنا أعتقد أن المملكة قادرة على التغيير وأن تكون منارة للعالم الإسلامي ومشاركة في المجالات العالمية بقوة تبرز دورها الإنساني والشرعي.
جاهزون للعمل
هناك نسبة من الشباب حرمت من التعليم لظروف معينة، هل في إمكان المركز احتواء هذه النسبة؟
المركز يوجه جهوده إلى الجميع، ونتعامل مع الشباب في المملكة من سن 15 – 29 عاما، بغض النظر عن أنهم متعلمون أو غير متعلمين، ودوراتنا ومشاريعنا وجهودنا التي يقوم بها المركز بنفسه أو مع الشراكات في المجتمع، توجه لجميع الشباب من الذكور والإناث، بغض النظر عن تواجدهم في منطقة الرياض أو خارجها، نحن نبني برامجنا وفق الفئة المستهدفة فإذا كانت غير متعلمة نصمم برنامجنا بما يتناسب مع قدراتهم، وعلى سبيل المثال عملنا شراكة مع البنك الأهلي التجاري في إدارة المشاريع الصغيرة، دعي لها الشباب من مختلف أنحاء المملكة، وأجريت لهم دورة في كيفية إنشاء هذه المشاريع، وتسلموا شهادات بعد الدورة بأنهم جاهزون لتبني مشاريعهم الصغيرة، ورفعنا أسماءهم لصندوق تنمية الموارد البشرية.
هل لدى المركز الوطني لأبحاث الشباب فروع في مناطق المملكة؟
المركز يعتمد على الشراكات المباشرة، وليس لديه فروع، لكن في الإمكان أن يكون لنا شريك كجامعة في شمال المملكة أو جنوبها في شرقها أو غربها، أو شراكة مع أي جهة مثل الهلال الأحمر أو وزارة التربية، والمركز يتعامل مع الباحثين كأشخاص، ومع المؤسسات في أي مكان في المملكة ويعمل شراكات ويقدم نتائجه ومشاريعه في أي مكان في المملكة فنحن ننقل خبراتنا لأي مركز آخر أو هيئة أو مؤسسة أو جامعة أو غيرها ونتعامل معها مباشرة
جاء المركز بمرسوم ملكي، بناء على ما رفعته وزارة التعليم العالي بضرورة توفير كيان وطني متخصص في أبحاث قضايا الشباب.
ولأن الشباب يمثلون نحو ثلث المجتمع، جاءت الموافقة سريعا، فتكون الكيان، وبدأ في مقره في جامعة الملك سعود، ولم يعرف أحد عنه شيئا.
«شمس» طرحت جملة من التساؤلات على الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب الدكتور نزار بن حسين الصالح، الذي يعمل أستاذا مساعدا في كلية التربية قسم علم النفس بجامعة الملك سعود بالرياض، وفي مقدمة ذلك السؤال الأهم، أين أنتم؟
ما الاستراتيجيات التي يعمل عليها المركز الوطني لأبحاث الشباب حاليا؟
المركز يعمل بوتيرة واضحة للعاملين فيه، لدينا خطة استراتيجية عملت خلال الفترة الماضية وتم عرضها على المستشارين ليحكموها، كما عرضت على وكالة الجودة بجامعة الملك سعود وأقرتها، وأثنت على أنها من أفضل الخطط الاستراتيجية التي كتبت وتم الاطلاع عليها حتى الآن، هدفنا في المركز أن تقدم الخدمة للشباب بطريقة غير مباشرة لأننا مركز متخصص وبحثي، وعندما زرنا دول العالم المختلفة التي لديها مراكز مشابهة وجدناهم يتخصصون في قضية تهم المجتمع، ويركزون عليها الاهتمام، مثال هناك مركز متخصص في النمسا مهتم بقضية «الميديا والإعلام»، وكيفية تأثيره على الشباب، ويسمى المركز الوطني لأبحاث الشباب متخصص فقط في الميديا، ولما زرنا مركز أبحاث الشباب في جنوب إفريقيا وجدناه متخصصا فقط في قضية «الأيدز»، وما تأثيره على الشباب في المجتمع الإفريقي، ونحن في المملكة من واقع اهتمام ولاة الأمر وجدنا أن الأمر أكبر من أن نهتم بقضية واحدة، إذا نظرنا إلى قضية المخدرات وهي قضية شائكة ومهمة، كذلك العطالة وجودة التعليم ومخرجاته والطلاق وكثرته عند الشباب، والعنوسة، وتأخر الزواج، كلها قضايا شائكة ومهمة، لوجدنا أن استراتيجية المركز وأبحاث الشباب محاولة عمل البحوث والدراسات للقضايا الأكثر أهمية، ويأخذ تطبيقات هذه الدراسات والأبحاث، ويحاول ترجمتها إلى برامج تقدم للشباب مباشرة أو تقدم من العاملين للشباب مباشرة، بمعنى أنه في إمكان المركز عمل دورات متخصصة للعاملين في القطاعات التي لها علاقة بالشباب مثلا الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والجهات المعنية بوزارة الداخلية، والجامعات، وبالتالي يمكن تقديم منتج مباشرة للعاملين مع الشباب حتى نجود أداءهم وتكون مخرجاتهم مع الشباب أفضل.
مساعدة في الاختيار
ما دام المركز مختصا بالشباب، ما مدى مساعدته عمليا لهذه الفئة لكي يتخطوا العقبات التي تواجههم؟
نظرة المركز واستراتيجيته نحو الشباب، أنه يترجم نتائج البحوث والدراسات إلى برامج عملية واقعية للشباب، ويتعاون مع الجهات المعنية بالشباب، ويحاول خلق الفرص المناسبة للشباب من برامج أو دورات أو ندوات أو مشاركات داخلية وخارجية، حتى يعمل على إضافة الجودة للشباب، ويزيد من مهاراتهم الحياتية، لأن الشباب لا يحتاج أن يقدم لهم المنتج النهائي دون تأهيل، وتزويد الشباب بالمهارات، وأعتقد أن الشباب سيفشل إذا ما لم يكن مؤهلا لشغل هذه الوظيفة أو المنصب الجديد الذي يعرض له في المجتمع، فالمركز ينظر كخطة استراتيجية، أنه نعمل مع جهات مختلفة نتعاون معها بشكل عام، ونحاول تقديم المنتج الذي يصلح للشباب السعودي بعد الدراسة والتمحيص، وأن يكون المنتج قد أعطي حقه من البحث، الآن لدينا الكثير من المشاركات، آخرها مطلع الأسبوع الجاري، حيث كنا في افتتاح كرسي الأمير سلطان للجمعيات الخيرية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولم نتكلم عن جمعيات خيرية، بل قمنا كمركز بمبادرة عبارة عن دورة متخصصة للعاملين في المجال الخيري من الشباب، ويتحمل المركز الوطني لأبحاث الشباب التكلفة من الاستعانة بخبير من الخارج، وإقامة الدورة، ومن تجهيز الحقيبة، ونرغب في المشاركة مع الجهات التي لها علاقة بالشباب، ونحاول قدر الإمكان إبراز دور الشباب وتقديم ما نعتقد أنه مناسب لهم، لأن قضية الدورات وزيادة المهارات للشباب مهمة، لأنهم كلما كانوا أكثر قدرة ومهارة، استطاعوا شق طريقهم دون وصاية، لأننا لا يمكن أن نكون وصايا على الشباب، فهم لديهم القدرة والإبداع، فقط يحتاجون قليلا من التأهيل والتبصير بالواقع، حتى ينطلقوا، وربما يأتي مثلا شاب ليس لديه القدرة على اختيار التخصص الدراسي، إذا قدمت له مهارة الاختيار سيختار ويتفوق، ولكن البداية قد تمثل المشكلة لدى الشاب، فنحتاج إلى أن نأخذ بيده في النقطة التي لديه فيها ضعف، ومتى ما اجتاز الشاب هذه النقطة وأصبحت لديه مهارة نتركه، لأنه أكيد سيفتح مجاله وسيصل إلى النجاح.
التنقيب عن التميز
وهل لديكم في المركز دور في اختيار الشباب المتميزين؟
لدينا مشروع تأهيل الشباب بمهارات الحياة، واختيار المتميزين من هؤلاء الشباب لإعدادهم، ليصبحوا مدربين في هذا البرنامج الذي يعد من البرامج الواعدة، التي يحرص عليها المركز لتأهيل شباب قادرين على تدريب شباب، ويستمروا في العطاء حتى مع توقف المركز عن أداء هذه الدورات، والمهام، لأن الشباب أنفسهم هم الذين سيتولون هذه القضية بأنفسهم، فلو انتشروا في الجامعات وعمادات شؤون الطلاب، وتم دعمهم فسيدربون شبابا بدعم من الجامعات، أصبح في المركز دور في تأهيلهم، ووضعهم في المكان المناسب، وبالتالي هم سيتعاونون في تدريب شباب في عمرهم، ويحصلون على المردود المادي، إما من الجامعات أنفسها، أو من الرسوم البسيطة التي يأخذونها من هذه الدورات، والمركز بالطبع يتأكد من النوعية والجودة من المنتج، وأعتقد أن المركز دوره كبير في المجتمع وحريص على ألا يكون وصيا على الشباب، وإنما مساندا لهم في أداء دورهم، لأن نسبة الشباب في المملكة، للأعمار ما بين 15 – 29 عاما، تصل إلى 30 %، لذا نتحدث عن 5500 مليون شاب وشابة، فهؤلاء لو تفوقوا وتميزوا ستكون المملكة قوية ومتماسكة، ولو قدر الله ضاعت الهوية وقل الانتماء سأتعامل مع جيل ضعيف، ونحن نحاول التعاون مع الشباب، لكي يصبحوا أداة فاعلة في المجتمع، ويعتمد عليهم المجتمع، والآن هم في فترة الشباب لكن بعد فترة معينة بعد 30 أو 40 عاما، ستتغير المجتمعات وتصبح هذه الفئة نسبتها أقل، من 30 %، ويتحول المجتمع بعد 150 أو 200 عام إلى مجتمع ليس بنفس الدرجة مثل الشباب، فلا بد أن تستفيد المملكة منهم في الوقت الحالي.
العطالة تتصدر
من خلال أبحاثكم ودراساتكم واستراتيجياتكم ما أهم المشكلات التي يعاني منها الشباب السعودي؟
في الوقت الحالي العطالة، من أكثر الأرقام تداولا كمشكلات تواجه الشباب، وهي محصلة لعدة أمور لا نريد أن نأخذها بأنها كعطالة، ولا بد من حلها، لكن ليس من الممكن أن تكون عطالة إلا إذا كان لدينا ضعف في المخرجات التعليمية والمهارية والتقنية، كيف ينافس الشاب السعودي عمالة وافدة قوامها يتراوح ما بين سبعة إلى ثمانية ملايين عامل، لديهم مهارات، فبالتالي لا يمكن لدى شبابنا القدرة على المنافسة، صحيح أن الأرقام تقول إن عدد العاطلين نصف مليون عاطل عن العمل، لكن هؤلاء لا يستطيعون منافسة ثمانية ملايين وافد، لكن مع خطوة سهلة في المجتمع في الإمكان أن يذوب هذا العدد، ولا تصبح لدينا أي عطالة في المجتمع، فضعف المخرجات التعليمية والفنية والشخصية لشبابنا تجد أنه لا يستطيع العيش في بيئة العمل، ولا يستطيع التعامل مع الآخرين وفق فريق العمل، ولا يستطيع أن يبرز شخصيته ومواقفه، فبالتالي مشكلة العطالة مشكلة مركبة ومعقدة، نحتاج إلى إصلاح التعليم التقني والفني، وزيادة جرعات الشخصية وبناء المهارات الشخصية لشبابنا في مراحل التعليم المختلفة، نحتاج إلى فتح مجالات للعمل للشباب، ووضع القدوات من الشباب للشباب أنفسهم، وهذا يجرنا إلى مشروع «وطني نجاحي»، الذي يتداول حاليا في المركز، وهذا المشروع يحكي قصص نجاح شباب في المجال العملي، ونشرها للشباب أنفسهم حتى يتعلموا من الآخرين أن النجاح يأتي بنجاح، ويمكن أن يأتي بالجد والمثابرة والعمل الدؤوب.
لماذا لا يزال المركز، مختصا في الأبحاث دون أنشطة، وهل تنوون إطلاق حزمة في المستقبل؟
المركز هو مركز أبحاث لكن هو يترجم الأنشطة لما بحثنا ورأينا الشاب السعودي يحتاج إلى بناء الشخصية أكثر عملنا مشاريع بناء الشخصية التي منها تدريب الشاب على مهارات في المجتمع والحياة وأيضا تدريب الشباب على أن يكونوا مدربين لشباب آخرين، أيضا مشروع وطني نجاحي من المشاريع الناجحة، ومن خلال أبحاثنا ودراساتنا نرى أن الشباب يحتاجون إلى قدوات ومبادرات، فالمركز يقدم لهم هذه النماذج، كمشروع تعاملنا مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهناك مشاريع أخرى مع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في تدريب مدربي الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في التقليل من قضية التعاطي والإدمان، وهناك مشروع مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لتفعيل دور الشباب في المكتبة ونشر أنشطتها للمجتمع، وهناك مجال للتعاون مع وزارة التربية والتعليم في عمل برنامج لتأهيل الطلاب في المرحلة الثانوية على اختياراتهم العلمية المستقبلية سواء في المراحل الثانوية أو الجامعية، بالإضافة إلى الكثير من البرامج التي ترجمت من خلال واقع دراساتنا وأبحاثنا في المركز سواء التي سيتم نشرها أو الدراسات والأبحاث التي نطلع عليها باستمرار.
لا للفوضى
الشباب أغلق الأبواب أمام المتظاهرين يوم الجمعة الماضي، ممن يريدون تخريب أمن واستقرار الشعب، ما دور المركز في توجيههم؟
الشباب أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، والتف مع قيادته، وبفضل من الله جنبنا ويلات هذه الأمور، التي تزعزع الأمن وتخلط حسابات المجتمع، وتنشر الخراب، ويكون من الصعب السيطرة عليها، فهذا عكس ارتباط الشباب بالقيادة، وأيضا حب الشباب للقيادة الحكيمة ممثلة في الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني، وأعتقد أن هذا يعطي مؤشرا قويا على أن الشباب في المملكة قلب وقالب مع قيادتهم، وهذا يعطي توجه أن المملكة تحاول بكل طاقاتها أن تلبي رغبات الشباب لأن شباب المملكة هم أبناء المملكة ونحن أسرة واحدة والمركز الوطني لأبحاث الشباب يعمل على توجيه طاقات الشباب لخدمة المجتمع والدخول في الكثير من الشراكات مع الجهات المعنية بالشباب وتقديم الدعم سواء من الدراسات والأبحاث أو من الدورات المتخصصة أو من حلقات النقاش التي تبين الوضع الحقيقي للمملكة وكيفية التغلب على الصعوبات، ونحن نعيش في مجتمع ليس مجتمعا ملائكيا هناك بعض المشكلات تحتاج إلى حلول، ومشكلة إعداد الشباب لقيادة المجتمع هذه مهمة كبيرة، والأسرة من الأمور التي لا بد أن نهتم بها لأن الشباب أيضا مقبلون على بناء أسر ويحتاجون إلى مساكن واستقرار وظيفي ورعاية صحية مناسبة ومصانع ومؤسسات وتوفير طاقاتهم في أوقات الفراغ إلى منشآت رياضية وبرامج توعية للابتكار والإبداع، والشباب طاقة والمملكة قادرة على احتواء هذه الطاقة وتوجيهها التوجه الصحيح، وأنا أعتقد أن المملكة مقبلة على أعوام من الخير بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومقبلة على وقت يحتاج فيه لتكاتف المجتمع بعضه مع بعض وتقديم النصح والمشورة حتى نتلافى الأخطاء والسلبيات، ونؤكد الإيجابيات لأننا بحاجة أكثر إلى البناء أكثر من الهدم الذي لا ينفع، بل يؤثر على تركيبة الدولة، نحتاج إلى حل المشكلات المجتمعية التي تحدث في مثل المجتمعات الأخرى لكن مع وجود العقول والثروة والطاقات الشبابية، أنا أعتقد أن المملكة قادرة على التغيير وأن تكون منارة للعالم الإسلامي ومشاركة في المجالات العالمية بقوة تبرز دورها الإنساني والشرعي.
جاهزون للعمل
هناك نسبة من الشباب حرمت من التعليم لظروف معينة، هل في إمكان المركز احتواء هذه النسبة؟
المركز يوجه جهوده إلى الجميع، ونتعامل مع الشباب في المملكة من سن 15 – 29 عاما، بغض النظر عن أنهم متعلمون أو غير متعلمين، ودوراتنا ومشاريعنا وجهودنا التي يقوم بها المركز بنفسه أو مع الشراكات في المجتمع، توجه لجميع الشباب من الذكور والإناث، بغض النظر عن تواجدهم في منطقة الرياض أو خارجها، نحن نبني برامجنا وفق الفئة المستهدفة فإذا كانت غير متعلمة نصمم برنامجنا بما يتناسب مع قدراتهم، وعلى سبيل المثال عملنا شراكة مع البنك الأهلي التجاري في إدارة المشاريع الصغيرة، دعي لها الشباب من مختلف أنحاء المملكة، وأجريت لهم دورة في كيفية إنشاء هذه المشاريع، وتسلموا شهادات بعد الدورة بأنهم جاهزون لتبني مشاريعهم الصغيرة، ورفعنا أسماءهم لصندوق تنمية الموارد البشرية.
هل لدى المركز الوطني لأبحاث الشباب فروع في مناطق المملكة؟
المركز يعتمد على الشراكات المباشرة، وليس لديه فروع، لكن في الإمكان أن يكون لنا شريك كجامعة في شمال المملكة أو جنوبها في شرقها أو غربها، أو شراكة مع أي جهة مثل الهلال الأحمر أو وزارة التربية، والمركز يتعامل مع الباحثين كأشخاص، ومع المؤسسات في أي مكان في المملكة ويعمل شراكات ويقدم نتائجه ومشاريعه في أي مكان في المملكة فنحن ننقل خبراتنا لأي مركز آخر أو هيئة أو مؤسسة أو جامعة أو غيرها ونتعامل معها مباشرة