مطالب بتأسيس عيادات لعلاج مدمني مواقع التواصل الاجتماعي. المركز الوطني لأبحاث الشباب: الإفراط في استخدامها له تداعيات نفسية واجتماعية متعددة
الاثنيـن 15 شوال 1434 هـ 22 أغسطس 2013 العدد 12686
مطالب بتأسيس عيادات لعلاج مدمني مواقع التواصل الاجتماعي
المركز الوطني لأبحاث الشباب: الإفراط في استخدامها له تداعيات نفسية واجتماعية متعددة
الدمام: إيمان الخطاف
في ظل ما تكشفه الإحصاءات الحديثة عن كون السعوديين يحتلون المراتب الأولى عربيا في حجم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أبدى مختصون تخوفهم من انتشار ظاهرة إدمان الشبكات الاجتماعية، حيث اعتبر الدكتور نزار الصالح؛ الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب في جامعة الملك سعود وأستاذ علم النفس، أن هناك حاجة ملحة لإيجاد عيادات علاجية متخصصة للتخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار ما هو موجود في بعض الدول الأجنبية.
وتابع الصالح حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط»، قائلا «إن انتشار المراكز والعيادات المتخصصة للتعامل مع السلوكيات غير المرغوبة، التي تلقي بظلالها على أفراد وجماعات من المجتمع مطلب ضروري وملح»، معتبرا أن إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أو إدمان استخدام الألعاب الإلكترونية، أو ممارسة سلوكيات مضادة للمجتمع، مثله مثل التفحيط ومخالفة أنظمة المرور، واستعمال الأسلحة النارية بشكل خاطئ وغير مرخص، قائلا «كل ذلك بحاجة إلى مراكز وعيادات متخصصة للتعامل معها وفق ما تحتاج إليه من خبرة ودراية في التعامل».
ويضيف الصالح «ربما يكون من المفيد تبني استخدام مراكز بحثية وعلاجية صغيرة في أماكن وجود الناس؛ مثل الأسواق التجارية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة، من خلال تقديم المشورة والمساعدة الممكنة المبنية على الخبرة والدراية والتخصص بطريقة آمنة وسريعة وغير مكلفة لأفراد المجتمع، كما أنه من المفيد توفير وسائل اتصال هاتفية، أو تطبيقات مناسبة للهواتف الذكية لنشر المعلومات المفيدة في كيفية التعامل مع السلوكيات غير المرغوبة».
وأوضح الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب أن الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو عدم القدرة على التوقف عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مع التفريط في أداء أعمال أخرى في حياة الفرد، نتيجة لاستخدام تلك المواقع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وأفاد بأن وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما هي: «تويتر»، و«يوتيوب»، و«فيس بوك»، و«واتس أب»، و«الانستغرام»، وغير ذلك من تطبيقات كثيرة يمكن استخدامها من خلال الهواتف النقالة الذكية، مشيرا إلى أن «إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي له آثار نفسية كثيرة، منها زيادة القلق، والاكتئاب، والرغبة في الانعزال، وعدم القدرة على التواصل الواقعي مع الآخرين، خصوصا إذا كان مدمن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يحرص على متابعة الأحداث الجارية التي تغلب عليها أخبار الصراعات والاضطرابات، مع سرعة وكثرة تداول المعلومات، التي يعتبر الكثير منها معلومات مغلوطة وغير صحيحة، أو غير موثقة»، حسب قوله.
وعن الآثار النفسية الأخرى، يقول الصالح «إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يجعل الفرد أيضا غير قادر على الاستقلال في تفكيره وقراراته، فهو دائم المحاولة لمعرفة آراء وتعليقات المشاركين، مما يؤثر على تشكيل شخصيته واضطرابها، ومن المعلوم أن ممارسة الأنشطة الحركية في التواصل الاجتماعي تعطي صفاء ذهنيا لا يمكن الحصول عليه ونحن قابعون خلف الأجهزة الذكية من دون حركة».
يأتي ذلك في حين كشفت دراسة حديثة أعلنتها «بروجت أونلاين» عن نمو تفاعل مستخدمي السعودية مع الشبكات الاجتماعية، إذ أوضحت نمو تواصل أفراد المجتمع السعودي مع شبكة «فيس بوك» بنسبة 33 في المائة، في الوقت الذي أظهرت فيه نتائج الدراسة أن مستخدمي «تويتر» في السعودية استطاعوا رفع معدل التفاعل إلى أكثر من 11 في المائة.
بينما أفادت دراسة حديثة صادرة عن شركة «غلوبال ويب إنديكس» بأن السعوديين سجلوا أعلى نسبة نمو عالميا من حيث عدد مستخدمي موقع «تويتر» على شبكة الإنترنت، وأشارت الدراسة إلى أن مستخدمي شبكة الإنترنت من السعوديين، خاصة الشباب، يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي كأداة للاتصال والتعبير عن الرأي والحصول على المعلومة.
وطبقا لبعض الإحصاءات، فإن عدد مستخدمي خدمة «تويتر» بالسعودية يتجاوز ثلاثة ملايين، أي نحو 12 في المائة من مجموع عدد السكان، وينشر هؤلاء أكثر من مليون وخمسمائة ألف رسالة يوميا، أما موقع «فيس بوك» فيزيد عدد مستخدميه على ستة ملايين، ويستخدم مليون سعودي شبكة «لينكد إن»، ويعتبر السعوديون من أكبر مشاهدي موقع «يوتيوب» عددا، إضافة إلى استخداماتهم لشبكات أخرى وتطبيقات الهواتف الذكية.
من جهة ثانية، يؤكد الدكتور نزار الصالح أن هناك شحا في الاهتمام البحثي بظاهرة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، قائلا «البحث العلمي في المجتمع العربي عموما يميل إلى الفردية في الأداء، والتكرار في اختيار الموضوعات، وعدم القدرة على مجاراة الأحداث، والتنبؤ بها، وقلة المراكز البحثية المتخصصة»، وأردف بالقول «إن إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من السلوكيات الجديدة التي انتشرت بشكل كبير في المجتمع السعودي، والدراسات والمؤتمرات والندوات حولها قليلة جدا بالنظر إلى أهميتها وتأثيرها على سلوكيات الأسرة والمجتمع السعودي».
ووجه الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب بعض النصائح لمستخدمي الأجهزة الذكية، التي أوجزها بالقول «أن يحاولوا قدر الإمكان تقليل استخدامهم لها، خصوصا أثناء الالتقاء مع الآخرين، أو أثناء ممارستنا للعمل، أو الدراسة، والعمل على ترك هواتفنا الذكية بعيدا عن متناول أيدينا، والحرص على عدم متابعة البعيد وإهمال القريب، كما أنصح نفسي والآخرين بتحديد وقت معين، وليكن ساعة مثلا في الصباح، وأخرى في المساء، لمتابعة المواقع الاجتماعية إذا لزم الأمر وعدم الإسراف في الاستخدام».