مبادرة «حياة» تنقذ 30 سجينا سعوديا من شبح «الوصمة» تهدف إلى تخليصهم من تبعات لقب «خريج سجون»
السبـت 29 ربيـع الثانـى 1435 هـ 1 مارس 2014 العدد 12877
مبادرة «حياة» تنقذ 30 سجينا سعوديا من شبح «الوصمة» تهدف إلى تخليصهم من تبعات لقب «خريج سجون»
الدمام: إيمان الخطاف
يجمع اختصاصيو علم الجريمة على أن الوصمة الاجتماعية هي أقسى ما يواجهه نزيل السجن بعد انتهاء محكوميته، في ظل وصف المجتمع له بأنه «خريج سجون»، وهذه الوصمة كثيرا ما تتسبب في عودة المسجونين إلى ممارسة الجريمة مرة أخرى، بحسب ما تفصح الدراسات الحديثة، من هنا تأتي مبادرة سعودية تحمل مسمى «حياة» تصحح مفاهيم ونظرة هؤلاء السجناء نحو أنفسهم، من خلال برنامج تدريبي يستهدف تخليصهم من تبعات «الوصمة» وإعطاءهم المهارات الأساسية للتعايش مع مرحلة ما بعد السجن.
ويحتفي المركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب، بإخراج 30 نزيلا من الشباب الذين يقضون محكوميتهم في سجن الحائر في منطقة الرياض، من براثن اليأس والخوف من مواجهة المجتمع، وذلك من خلال المبادرة التي تضمنت إشراك بعض الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين العاملين في السجون بهدف تدريبهم على مثل هذه المشروعات التنموية، بما يسهم في عودة هؤلاء الشباب إلى أعضاء فاعلين في مجتمعهم، وهو ما يأتي تنفيذا لاتفاقية التعاون الموقعة بين جامعة الملك سعود ممثلة في المركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب، ووزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للسجون.
من جهته، يوضح الدكتور نزار الصالح، الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب، أن هذه المبادرة هدفت إلى «إكساب الشباب الذين يقضون محكوميتهم في بعض سجون السعودية بعض المهارات الحياتية؛ كي يتمكنوا من التكيف مع واقعهم الجديد في المجتمع بعد قضاء فترة محكوميتهم وفق برنامج تدريبي متميز». ويضيف «شملت المبادرة ثلاثة محاور أساسية، هي: المحور الشرعي، والمحور النفسي، والمحور الاجتماعي، وتضمن كل محور عددا من المهارات قدمت خلال 12 جلسة حوارية في ستة أسابيع».
وكشف الصالح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المحاور تضمنت التركيز على المهارات التالية الوصمة، والتكيف الاجتماعي، ودلوني على السوق، وفن الحوار، والإبداع في إدارة الذات، والعقوبات مفتاح لحياة جديدة، والتواصل الاجتماعي وحل المشكلات الأسرية، والرضا بالقضاء والقدر، والقيم والمبادئ، والتفاؤل طريق للراحة النفسية. وبسؤاله عن النتائج، يقول الصالح «تبين وجود تحسن ملحوظ على عينة السجناء عند مقارنة نتائجهم القبلية والبعدية، التي جاءت كما يلي: في مهارة الوصمة والتكيف الاجتماعي بينت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر واقعية في التعامل مع الواقع الاجتماعي، وأصبحوا أكثر قدرة على التكيف مع الواقع الجديد، وفي مهارة (دلوني على السوق) بينت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر واقعية في التعامل مع الأمور المالية التي سوف يتعرضون لها بعد خروجهم من السجن».
ويتابع بالقول «أما في مهارة فن الحوار فبينت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر اقتناعا بأهمية الحوار في التعامل مع التحديات ومع الآخرين، وفيما يخص مهارة الإبداع في إدارة الذات، توصلت النتائج إلى أن المفحوصين أصبحوا أكثر اقتناعا بأهمية السلوك المنضبط وفق مهارات تنظيم الوقت، وحسن إدارة الذات من خلال التفكير الإيجابي، واتخاذ القرار السليم والتطلع للنجاح، وفيما يتعلق بمهارة العقوبات مفتاح لحياة جديدة، أوضحت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر اقتناعا بأن العقوبة لها جوانب إيجابية عدة، وأنها مهمة لبداية عملية جديدة».
وحول محور مهارة التواصل الاجتماعي وحل المشكلات الأسرية، يقول الصالح «بينت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر واقعية بكيفية التعامل مع المجتمع والأسرة مستقبلا، وما يمكن أن يتعرضوا له من صعوبات»، وعن محور مهارة الرضا بالقضاء والقدر، يقول «أظهرت النتائج أن المفحوصين يؤمنون بالقضاء والقدر، وقد تطورت رؤيتهم بأنها بداية لانطلاقة جديدة متفائلة، أما المحور الثامن والمتعلق بمهارة القيم والمبادئ، فبينت النتائج أن المفحوصين أصبحوا أكثر واقعية بقيمة (الغاية لا تبرر الوسيلة)».
وجاءت نتائج المحور الأخير مبشرة كذلك، كما يفيد الصالح، قائلا «تناول هذا المحور مهارة التفاؤل طريق للراحة النفسية، حيث بينت النتائج أن المفحوصين تطور أداؤهم، وأصبحوا أكثر تفاؤلا، كما بينت النتائج اتفاق المدربين والسجناء على أهمية عقد مثل هذه الدورات التي تعنى بتنمية وتطوير مهارات الحياة المختلفة». تجدر الإشارة إلى أن مبادرة «حياة» تأتي تحت إشراف اللواء الدكتور علي الحارثي، مدير عام السجون السعودية، إلى جانب الدكتور نزار الصالح، الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب، ومساعد مدير عام السجون للإصلاح والتأهيل، والأمين العام المساعد للمركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب، أما اللجنة العلمية للمبادرة فضمت عددا من الخبراء والباحثين المتخصصين والمتميزين من جامعة الملك سعود، وكلية الملك فهد الأمنية، ووزارة العدل، وسجن الحائر، إضافة إلى المركز الوطني لأبحاث قضايا الشباب.